10956,00%0,50
40,56% 0,00
47,27% -0,07
4433,39% 0,70
7077,27% 0,26
يواصل الكيان الصهيوني عدوانه، وهذه المرة من بوابة سوريا، محاولًا إشعال موجة جديدة من الفوضى في الشرق الأوسط. أما تصريحاته المتكررة حول “الاستعداد لحرب تدوم لأيام”، فلا تُفهم إلا كتحدٍّ سافرٍ ليس لسوريا فقط، بل لجميع شعوب المنطقة، ورسالة وقحة إلى المجتمع الدولي. هذا الكيان الإرهابي، الذي لا يعرف إلا القتل والاحتلال والدمار، عليه أن يدرك أن لكل ظلم نهاية، ولكل طاغية سقوطًا
الغارات الجوية التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الماضية على الأراضي السورية تشكل تطورًا خطيرًا يمسّ أمن المنطقة واستقرارها. فسوريا التي أنهكتها سنوات الحرب ليست في وضع يسمح بفتح جبهات جديدة، ما يجعل من الضروري أن تلعب الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، دورًا حاسمًا في كبح هذا التصعيد
لقد بات واضحًا أن المنطقة ليست ساحة مستباحة لأطماع إسرائيل، ولا ملعبًا لمشاريع الإمبريالية ولا لدوائر الدم التي لا تنتهي. اللافت أن هذه الضربات الإسرائيلية جاءت بعد أقل من 24 ساعة على ما قيل إنه طلب أمريكي موجّه إلى تل أبيب بوقف الهجمات على سوريا، ما يكشف بوضوح عن لعبة “أطلق الأرنب، ثم أطلق الكلب لمطاردته” التي تمارسها بعض القوى الكبرى
السويداء بين الجغرافيا والطائفة: البُعد الجيوسياسي
تقع محافظة السويداء جنوب سوريا، وتُعد منطقة ذات أهمية استراتيجية بالغة، ليس فقط لموقعها الجغرافي، بل لطبيعتها السكانية أيضًا، حيث يشكل أبناء الطائفة الدرزية الأغلبية فيها. هذا العامل جعلها دومًا محطّ اهتمام إسرائيلي خاص، باعتبارها ثغرة يمكن النفاذ منها إلى الداخل السوري
الكيان الإسرائيلي لطالما سعى إلى استغلال التنوع الديني والطائفي في سوريا لإشعال صراعات داخلية، ويُوظف اليوم المجتمع الدرزي كورقة ضغط وابتزاز سياسي. وقد فسّر الاحتلال مؤخرًا إرسال الجيش السوري تعزيزات عسكرية ثقيلة إلى السويداء كتهديد مباشر له، ما دفعه إلى التلويح بالتصعيد
ورغم قدرته على تدمير البنية التحتية وقتل الأبرياء، إلا أن الجيش الإسرائيلي لن يكون قادرًا على حماية المتعاونين معه من غضب الشعب، ذلك الغضب الذي قد يكون أشد فتكًا من الموت. واليوم، تقع المسؤولية على عاتق أبناء الطائفة الدرزية في سوريا: إما أن يثبتوا أنهم فعلاً أبناء “بني معروف” الأوفياء، ويتبرؤوا من تلك القلة التي خانت الأرض والدم، أو أن يصمتوا في وجه من يدنّس إرثهم الوطني. فالغالبية الساحقة من دروز سوريا لا تزال مخلصة لوطنها، وأرضها، وشعبها
الخطوط الحمراء الإسرائيلية والاتفاقات الإقليمية
إذا ما نظرنا إلى البنية الأمنية للمنطقة، سنلاحظ أن الدول المجاورة لإسرائيل – حتى تلك التي تمتلك جيوشًا قوية كـمصر – لا تنشر قوات ثقيلة قرب الحدود مع الكيان، التزامًا باتفاقات وتفاهمات أمنية قائمة منذ عقود. في الحالة المصرية، على سبيل المثال، يخضع أي تحرك عسكري في سيناء لموافقات مسبقة واتفاقات واضحة
وعليه، فقد فُسّر إرسال الجيش السوري آليات ثقيلة إلى السويداء من قبل إسرائيل على أنه تجاوز لخطوطها الحمراء، ما دفع تل أبيب، بحسب مصادر موثوقة، إلى توجيه رسالة شديدة اللهجة للرئيس السوري أحمد الشرع عبر القنوات المصرية، تطالبه بسحب القوات فورًا، وإلا فإنها ستعتبر ذلك ذريعة لشنّ ضربات عسكرية مباشرة على النظام. وتفاديًا لهذا التصعيد، قررت دمشق سحب بعض هذه الآليات مؤقتًا، لقطع الطريق على إسرائيل وعدم منحها مبررًا لحرب جديدة
الطائفة الدرزية كورقة استراتيجية
تعامل إسرائيل مع الطائفة الدرزية لا تحكمه أي اعتبارات إنسانية أو دينية، بل يخضع لحسابات مصلحية بحتة. فهي تحاول استغلال هذا المكون السوري الأصيل كورقة داخلية لتفكيك النسيج الوطني، وتعميق الانقسامات الطائفية من أجل تقويض أي مقاومة ضد مشاريعها العدوانية
لذلك، تقع مسؤولية كبيرة على القيادات الدرزية الأصيلة التي تحظى بثقة الشارع، من أمثال الشيخ وحيد البلعوس والشيخ الجربوع، في توحيد الصف ودرء الفتنة وحماية السويداء من تدخلات خارجية مشبوهة. وعلى رأس هذه التدخلات ما دعا إليه الخائن حكمت الهجري، حين طلب بشكل علني تدخل العدو الإسرائيلي لحمايته هو ومليشياته الإرهابية، التي مارست خلال الأشهر السبعة الماضية أبشع أنواع الإرهاب والفساد في مدينة السويداء
ومن هنا، لا بد من أن يتحرك أبناء الطائفة الوطنية الشريفة، بدعم من الجيش والشرطة السورية، لوضع حد لهذا النهج التخريبي، وقطع الطريق على كل من يحاول المتاجرة بأمن المحافظة ومستقبل أهلها.
الوحدة الوطنية والتصدي للفخاخ الطائفية
في ظل هذه المرحلة الدقيقة، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى بناء إرادة وطنية جامعة، تقف في وجه المحاولات الإسرائيلية الهادفة لإشعال حرب أهلية أو طائفية في سوريا. كما بات على الدولة السورية أن تعزّز الحوار الصادق مع مختلف مكونات المجتمع، بما في ذلك المجتمع الدرزي، وتؤسس لسياسة أمن داخلي قائمة على الشراكة، لا على الإقصاء أو التخوين
وعلى جميع السوريين أن يتجاوزوا الاصطفافات الطائفية الضيقة، ويعلوا الانتماء للوطن فوق كل اعتبار، حفاظًا على وحدة الأرض والشعب، ولضمان مستقبلٍ مشترك بعيد عن الفتن والتدخلات الخارجية
اللهم احفظ سوريا وشعبها من كل شر