لكن في سوريا الجديدة، لن نقبل بعد اليوم بأي محاولات لطمس هويتنا أو إنكار وجودنا. نحن مسلمون، سوريون، تركمان، وهذه حقيقتنا التي لا يمكن محوها. لسنا ضيوفًا أو غرباء في وطننا، بل شركاء فيه، نحمل همومه، ندافع عن وحدته، ونشارك في بناء مستقبله كما فعل ذلك اجدادنا القدامى حيث كان لهم حضور واضح في سوريا منذ القرن الحادي عشر، عندما هاجرت قبائل التركمان الرحل في المنطقة من الأناضول وبلاد ما بين النهرين. وبحلول القرن الثاني عشر، سيطر التركمان على السلطة في سوريا في عهد عماد الدين زنكي، مؤسس السلالة التركمانية الزنكية
شكل اجتياح عسكري للسلاجقة الذين أزالوا النفوذ البويهي والاسماعيلي والشيعي العربي في العراق والشام ابتداء من سنة 447هـ وحلوا مكانهم. وفي فترة انقسام السلاجقة بعد موت سلطانهم ألب ارسلان نشأت الدولة الزنكية التركمانية في الشام وحلب والتي تولت قتال الصليبيين طوال عصرها (521-569هـ) قبل أن يرثها صلاح الدين الأيوبي وينشئ على تركتها الدولة الأيوبية
نعم، كان للتركمان دور بارز في الحياة السياسية في سوريا قبل وصول حزب البعث إلى السلطة. وقد برزت عدة عائلات ذات أصول تركمانية في مراكز الحكم والإدارة، ولعبت أدوارًا مهمة في التاريخ السوري الحديث. ومن بين هذه العائلات
- الأتاسي: من أبرز العائلات السياسية في حمص، وقدمت العديد من الشخصيات التي تولّت مناصب عليا، مثل هاشم الأتاسي الذي كان رئيسًا لسوريا ثلاث مرات
- الشيشكلي: من حماة، ومن أبرز شخصياتها أديب الشيشكلي، الذي تولّى الحكم في سوريا خلال الخمسينيات بعد انقلابات متتالية
- الكيخيا: من العائلات الحلبية العريقة، وكان أفرادها ناشطين سياسيًا، ومنهم رشدي الكيخيا، الذي شغل منصب وزير ونائب في البرلمان
- مردم بك: من العائلات الحلبية البارزة، وقد تولّى أفرادها مناصب وزارية ودبلوماسية، مثل جميل مردم بك، الذي كان رئيسًا للوزراء في عهد الاستقلال
- العظمة: من العائلات الدمشقية الشهيرة العريقة أسسها كيمك حسن بك تركمان العظمة (توفي 1040هـ\1630م) عندما قدم من قونية إلى دمشق، واستقر في حي الميدان. ومن أبرز شخصياتها يوسف العظمة، وزير الحربية الذي استشهد في معركة ميسلون ضد الاحتلال الفرنسي عام 1920
- القباني: من العائلات التركمانية الدمشقية البارزة في مجالات السياسة والفكر والأدب، ومنهم أحمد القباني الذي كان له دور في النهضة الثقافية والمسرحية في سوريا
هذه العائلات وغيرها كانت جزءًا من النخبة السياسية والعسكرية التي أدارت شؤون البلاد خلال فترة ما قبل البعث، وساهمت في تشكيل التاريخ السياسي السوري
سوريا الجديدة التي نحلم بها هي سوريا العدل والمساواة، حيث يُحترم الجميع دون تمييز، ويعيش كل مكون بكرامته وهويته. لن نعود إلى زمن التهميش، بل سنكون فاعلين في صناعة الغد، لأن هذه هي سوريتنا الجديدة