Diyar HERMZİ

Tarih: 23.09.2025 13:36

جسر الوند، نهر الذاكرة وأغنية الهوية بحث وتقديم : ديار الهرمزي

Facebook Twitter Linked-in

على ضفاف نهر الوند، حيث الماء يلتقي بالصخر، وحيث الريح تُنقل همسات القرون، يقوم جسر لم يُشيَّد من طابوق السلطان وحده، بل من دماء الشهداء وعرق الأجداد. هذا الجسر الذي أُقيم سنة 1860 في العهد العثماني [أوزون چارشيلي، تاريخ الدولة العثمانية]، لم يكن مجرد معبر، بل صار رمزًا لمدينة خانقين ومعلمًا للذاكرة.

قبل أن يكتمل بناؤه بصورته الحالية، حاول البناؤون تشييده في موضع آخر، على بعد ستين مترًا، لكنهم فشلوا. بقيت أطلاله المسماة بالتركية قاية
 أي الصخر شاهدة على أن كل محاولة، حتى وإن لم تُكتمل، تصبح جزءًا من ذاكرة الأرض والإنسان [ديار الهرمزي، مقالات في تاريخ خانقين ومعالمها].

يرتبط اسم النهر والجسر بالقائد الوند ميرزا أوغلو، أحد أحفاد السلطان أوزون حسن، مؤسس دولة آق قويونلو في القرن الخامس عشر [مينورسكي، The Aq Qoyunlu and Land of Iran]. لقد استشهد هذا الأمير في معارك دارت بين آق قويونلو والصفويين على ضفاف الوند، فحمل النهر والجسر اسمه، ليظل شاهدًا على تضحياته وامتداد إرثه [إقبال آشتياني، تاريخ إيران بعد الإسلام].

خانقين نفسها لم تكن مجرد بلدة على الحدود، بل جزءًا من فضاء النفوذ العثماني والصفوي في آن واحد، تتنازعها القوى الكبرى، لكنها بقيت حاضرة بهويتها الخاصة. المؤرخون العثمانيون، ومنهم إسماعيل حقي أوزون چارشيلي، ذكروا موقع خانقين ضمن مناطق النفوذ العثماني، فيما أشار شرف خان البدليسي في شرفنامه إلى دور التركمان والآق قويونلو في هذه المنطقة.

لقد تعلّمت أجيال خانقين من هذا التاريخ أن القيم أثمن من الذهب، وأن الكلمة أخلد من السيف. جسر الوند إذن ليس حجارة صامتة، بل نصّ مفتوح كتبه التاريخ بلغة الماء والحجر. كل قطرة تجري تحته تُعيد إنشاد قصة تضحية، وكل ظل يمر فوقه يُذكّرنا بأن الإنسان هو من يعطي للأمكنة قداستها.

خانقين اليوم ليست جغرافيا فقط، بل هوية ممتدة: من وجوه الأمهات، من ابتسامات الأطفال، من صلوات الجدّات، ومن ذاكرة الأجيال. وكما قال ابن الأثير في الكامل في التاريخ عن هذه الأرض: إنها ملتقى الشعوب وممّر الجيوش، لكنها في الذاكرة الإنسانية ظلت موطنًا للحب والانتماء، وصوتًا يذكّر بأن الزمن يجري مثل الماء، لكن الأثر يبقى كالحجر صامدًا أمام العواصف.

المصادر والمراجع

ابن الأثير، الكامل في التاريخ.

شرف خان البدليسي، شرفنامه.

إسماعيل حقي أوزون چارشيلي، تاريخ الدولة العثمانية.

فلاديمير مينورسكي، The Aq Qoyunlu and Land of Iran in the 15th Century.

عباس إقبال آشتياني، تاريخ إيران بعد الإسلام حتى نهاية الصفويين.

دهخدا، لغتنامه.

ديار الهرمزي، مقالات في تاريخ خانقين ومعالمها.


Orjinal Köşe Yazısına Git
— KÖŞE YAZISI SONU —